الخبراء يحذرون من مخاطرها

الخبراء يحذرون من مخاطرها
وزارة التعليم توزع أقراص حديد علي تلاميذ المدارس تصريحات .. شعارات.. تخبط.. عشوائية.. هذا ما ينطبق علي العديد من القرارات والإجراءات التي تتخذها حكومة نظيف حاليا. وإذا كانت العادة في مصر أن الحكومات لا تتحرك إلا بعد وقوع الكارثة.. فإن الأمر هذه المرة يأتي مختلفا لأن الحكومة هي صاحبة القرار الذي قد تنتج عنه الكارثة والأزمة.
وماتقوم به وزارتا التعليم والصحة حلقة من مسلسل التخبط والعشوائية في إصدار القرارات والإجراءات.. فبعد حالات التسمم والإعياء الجماعي التي ظهرت بين تلاميذ المدارس ويتكرر وقوعها ما بين الحين والآخر بسبب بسكويت المدارس يجري حاليا توزيع أقراص حديد علي تلاميذ عدد من المدارس بمعدل قرص أسبوعيا لكل تلميذ وذلك دون أن يتم إجراء أية فحوص أو تحليلات لهؤلاء التلاميذ وتحديد من يحتاج منهم لهذه الأقراص. ويقوم مدرس الفصل بتوزيع هذه الأقراص علي التلاميذ أسبوعيا.
'الأسبوع' تدق ناقوس الخطر قبل وقوع العديد من الكوارث التي سيكون ضحيتها عددا من أبنائنا الطلاب نتيجة لهذا التصرف العشوائي الذي تجاهل آراء العديد من الخبراء والمختصين والتي تؤكد خطورة اعطاء هذه الأقراص دون تمييز وبهذا الشكل العشوائي والتي قد تؤدي إلي نتائج أكثر ضررا مما أحدثه بسكويت المدارس المسموم.
حيث تؤكد الدكتورة آمال البشلاوي أستاذ أمراض الدم بقصر العيني أنه علي الرغم من انتشار أنيميا نقص الحديد بين الأطفال في مصر والتي تصل إلي نسبة 33 % إلا أنها ترفض اعطاء أقراص الحديد للطلبة بهذا الشكل العشوائي دون تحديد لهذه الحالات التي تحتاج بالفعل لهذه الأقراص مؤكدة أن هناك العديد من الحالات المرضية للأطفال يكون تناول الحديد فيها ذا ضرر كبير.
فأي طفل يحتاج لنقل دم يمثل تناول هذه الأقراص ضررا عليه وخاصة الأطفال المصابين بأنيميا البحر الأبيض المتوسط الذين يعتمد جزء من علاجهم علي سحب نسبة الحديد الزائدة في أجسامهم والتي تتراكم في الأنسجة الحيوية مثل القلب والكلي وغيرها لتسبب نتائج خطيرة وتتساءل: كيف نعطي لهؤلاء الأطفال أقراص حديد؟ مؤكدة أن أي جرعة بسيطة منه تسبب نتائج خطيرة قد تصل للوفاة في حالة التأثير التراكمي لهذه الجرعات.
كذلك الحال مع الأطفال المصابين بالفيروسات الكبدية أو أي ميكروب قد يؤدي إلي ارتفاع في درجة حرارة الطفل.
بل ويصل الأمر إلي خطورة هذه الأقراص وتناولها بشكل تراكمي علي الأطفال الأصحاء الذين لا يعانون من أنيميا نقص الحديد وذلك بسبب تراكم عنصر الحديد في الأنسجة الحيوية مما يحدث أضرارا بالغة لها. ولذلك تنصح بضرورة تحديد الأطفال الذين يحتاجون لهذه الأقراص بشكل واضح وطبقا للتحليلات والفحوصات وعدم تعميم هذه التجربة علي كل الأطفال بشكل عشوائي.
وأبدت الدكتورة سلوي يوسف مستشارة وزارة الصحة لبنوك الدم دهشتها من هذا الاجراء مؤكدة أنه لا يصح أن يتم إعطاء أقراص الحديد كوقاية من مرض أنيميا نقص الحديد وإنما لابد وأن يتم إعطاؤها كعلاج لهذا المرض بناء علي تحليلات واضحة.. مشيرة إلي أن هناك أنواعا عديدة من الأنيميا لا يكون الحديد علاجا لها ولكنه بالتحديد علاج لأنيميا نقص الحديد فقط.
مشيرة إلي أن هناك بعض الأمراض يكون تناول أقراص الحديد مضرا بالنسبة لها كذلك لا يحتاج الإنسان الطبيعي الذي لا يعاني من أنيميا نقص الحديد لهذه الأقراص التي تحدث آثارا ضارة له إذا ما تناولها دون احتياج.
أما الدكتور عبد اللاه حسين الصادق أستاذ الباطنة بطب الأزهر فيؤكد أنه ضد تعميم إعطاء أقراص الحديد علي طلبة المدارس قبل إجراء مسح شامل لتحديد المصابين بأنيميا الحديد وهؤلاء فقط هم الذين يتم إعطاؤهم هذه الأقراص مشيرا إلي أن هذا النوع من الأنيميا الذي يصيب الأطفال في سن صغيرة يأتي بسبب الإصابة بالطفيليات المعوية مثل الانكلستوما والاسكارس أو بسبب زيادة كمية الدم الفاقد مع الدورة الشهرية للبنات في مرحلة المراهقة بالإضافة إلي حالات الفقر الشديد وسوء التغذية وقلة تناول اللحوم الحيوانية وهي مصدر رئيسي من مصادر الحديد وخاصة مع ارتفاع الأسعار ولذلك يؤكد ضرورة علاج السبب الرئيسي لحدوث أنيميا نقص الحديد لدي الأطفال المصابين بها بعلاج الطفيليات المعوية والتثقيف الغذائي السليم لهؤلاء الأطفال مشيرا إلي أنهم يحتاجون إلي ما يقرب من ثلاث مرات أسبوعيا من هذه الأقراص لمدة شهر أو شهرين علي حسب الحالة وأن اعطاء الطفل المصاب بهذا النوع من الأنيميا قرصا واحدا أسبوعيا لن يكون مجديا للعلاج.
ويشير د. الصادق إلي أن تعميم هذه الأقراص يؤدي إلي الكثير من المشاكل حيث إن أقراص الحديد كثيرا ما تسبب اضطرابات بالمعدة والقولون والامساك وبعض الانتفاخات، كذلك فإن هناك خطورة من تراكم الحديد في خلايا الجسم مؤكدا أن اعطاء طفل مصاب بأنيميا البحر المتوسط جرعة من هذه الأقراص يعتبر جريمة لأن هؤلاء الأطفال يعانون في الأساس من تراكم الحديد في الكبد والقلب والبنكرياس والغدد الصماء ويؤدي إلي مضاعفات خطيرة مثل هبوط القلب وتليف الكبد وفشل وظائف البنكرياس وفشل في وظائف الغدة النخامية وقد ينتهي بالوفاة.
كما يؤكد علي ما يسببه عنصر الحديد من ضرر شديد علي مرضي التهابات الكبد الفيروسية والتي تعاني منها نسبة كبيرة من المصريين حيث يؤدي تناول أقراص الحديد إلي تدمير خلايا الكبد وسرعة حدوث التليف الكبدي والفشل الكبدي.
مشيرا إلي خطورته حتي مع الحالات الطبيعية حيث إن عنصر الحديد له طبيعة تراكمية بمعني أنه إذا تم امتصاصه ووصل إلي الدم فإنه يتراكم ولا يخرج من الجسم ويحدث هذا التراكم في الكبد والقلب والبنكرياس ويؤدي إلي الإصابة بمرض السكر وهذا التأثير يحدث مع الإنسان الطبيعي إذا تناول أقراص الحديد لفترات طويلة.
ويشير الدكتور عبد القادر عبد العظيم حفني أستاذ التغذية بمركز البحوث الزراعية وعضو الهيئة القومية للتوحيد القياسي إلي أن ما يحدث من توزيع عشوائي لأقراص الحديد قد يتسبب في إحداث كارثة أشد مما حدث مع الأطفال الذين أصيبوا من قبل بحالات الاعياء والتسمم بسبب بسكويت المدارس مؤكدا أن هناك بعض الأطفال يعانون من بعض العيوب الجينية التي تسبب نوعا من الحساسية ضد الحديد وهو ما يؤدي وبعد ساعة واحدة من تناول هذه الأقراص إلي حدوث حالات قيئ مدمم 'أي مصحوب بالدماء' لدي هؤلاء الأطفال وتؤدي زيادة هذه النسبة إلي هبوط في الدورة الدموية ثم إلي الوفاة وهذه الأعراض ذكرت في العديد من المراجع العلمية.
مشيرا إلي أنه ليس لدينا دراسة تحدد عدد الأطفال الذين يحملون هذه العيوب الجينية ضد الحديد في مصر وأنه في أمريكا مثلا يحدث ما يقرب من 2000 حالة تسمم كيميائي بالحديد كل عام بسبب هذه العيوب ولذلك ينصح بعدم تعميم تناول الحديد بين الأطفال لتجنب حدوث هذه الكوارث واجراء مسح شامل للأطفال قبل إعطائهم هذه الأقراص.
ويضيف أنه حتي في حالة إصابة الطفل بأنيميا نقص الحديد وحاجته لهذه الأقراص فإن تناولها لن يكون مفيدا إذا لم يتم إعطاء الطفل جرعة بروتين مع هذه الأقراص.
وبالرغم من الشعارات الخاوية التي ترفعها الحكومة بزعم تعظيم الاستفادة من البحث العلمي في كل المجالات إلا أن هذه الشعارات لا تتعدي كونها مجرد تصريحات فقط لا تجد طريقها إلي حيز التنفيذ لتظل كل أمورنا تسير دون دراسة أو رجوع إلي المختصين.
الدكتور فوزي الشوبكي أستاذ ورئيس قسم التغذية بالمركز القومي للبحوث أكد أن المركز كان قد قام بتصنيع 'بونبوني' آمن وفعال وتم تجربته علي التلاميذ ويحتوي علي جرعة مناسبة من الحديد لا تضر الطفل العادي وتتم زيادة أعداد حبات البونبون للطفل الذي يعاني من أنيميا الحديد علي حسب درجة المرض حتي يعود طفلا طبيعيا ولا خطورة من زيادة هذا العدد لأن كل حبة من هذه الحبات تحتوي علي 3 4 مليجرام حديد بعكس الأقراص التي تحتوي ما بين 30 60 مليجرام حديد ويمكن للطفل تناوله بسهولة كما أن كلا من هذه الحبات يمكن أن توفر 25 % من احتياجات الطفل اليومية من الحديد.
كما ثبت أنه آمن بنسبة 100 % ويؤكد د. الشوبكي أنه بالنسبة لأقراص الحديد التي يتم توزيعها الآن في المدارس فإنها تؤخذ ضمن مشروع وزارة الصحة لمكافحة الأنيميا ولكن لابد من أن يحدد الطبيب من هم الأطفال المصابون بالأنيميا في المدرسة وضرورة عمل كشف عام علي كل التلاميذ لأنه بالإضافة إلي خطورة هذه الأقراص علي مرضي الفيروسات الكبدية والأطفال المرضي بأنيميا البحر المتوسط فإنه كذلك لا يجب إعطاؤها للطفل حتي وإن كان مصابا بالأنفلونزا أو أي مرض بكتيري أو معدي لأنه يزيد من حدة هذه الأمراض